إرادة التفاؤل وتشاؤم الفكر بابن جرير.

في بلدتي كنا دائما ودوما نحلم بيوم الخلاص من ذرن فقر تحت العتبة وكان الحديث المسيطر على المنتمين لكل ألون الطيف السياسي متى يأتي هذا السوبرمان لتحريك المجاري الراكدة وزرع بعض الأمل في جسد متورم بالأمراض السرطانية،كان الجميع يتفق بأن السياسة وحدها لا تحقق كل هذا الحلم وكان هناك شبه إجماع بأن صناديق الاقتراع لن تملأها المواقف والمبادئ بل هي دائما محشوة بملمس الأوراق النقدية ومصالح الطفيليات الناشئة وظلت الشرفة مفتوحة على مصراعيها في بلدة مفتوحة على جميع الاحتمالات والجبهات.

يومها تفشت البطالة واستفحلت الجريمة وصار الغزو كثيفا للهجرة القروية فتحولت القرية إلى هوامش عشوائية وغرقت في وحل التطاحنات السياسية أدى ضريبتها النخب والأنتلجينسيا والشخصيات المرجعية وطابور طويل من الطوباويين والحالمين بتغيير ولو طفيف مسكن لألم تاريخي مزمن،يومها تجسدت نظرية الفيض السياسي حين قدم الرجل القوي في المملكة الشريفة فكان الذوبان والانصهار في بوثقة واحدة وتجانس اليمين والوسط واليسار في صف واحد لقيادة انقلاب جماعي ضد الأوضاع المتردية.

تجمد الزمن في لحظة واحدة ووقف الجميع وقفة رجل واحد للدخول في حرب التنمية المستدامة المندمجة ليتم توزيع الأدوار التي تقمصتها شخصيات وشخوص ثانوية وكومبارس في مسلسل مازالت حلقاته لم تنته بعد،وفي مهد هذه التجربة التي أسالت مدادا كثيرا انسحب الربان من مشهد المدينة وظله كل ما تبقى يغذي وينعش رويدا رويدا مفاصل منخورة بالهشاشة.تبدلت على الأقل الملامح وتوردت خذوذ شاحبة وبدأ يسري دم جديد بعد انسداد لكل الشرايين وسكتة قلبية وشيكة،وبعد الرحيل لرجل عقدت عليه الآمال رجعت حليمة لعادتها القديمة خصام ونباح وقطيعة وشد للحبل وقيل وقال وتداول شفوي وإشاعة ودعاية وهلم جر ضرب من تحت الحزام وتشكيك في المصداقية.

هل عدنا إلى الصفر؟ هل اولاد عبد الواحد كلهم واحد؟ هل فعلا ليس في القنافد أملس؟ الجواب من قلب ونبض الشارع واختلاجات واتجاهات الرأي العام فرب قائل إنها شارة النصر في ثورة التنمية بتفاصيلها المركبة والبنيوية وفريق آخر يتهم بالفساد والشبهة ودليله من أين لك هذا ونفر من الناس لا يهمه في كل هذا عمر أو زيد من يدفع وهل من مزيد وموقعه مع من يصبح قويا غدا حتى وإن كان ” إكس شمكار”.المهم أن انسجام الأمس صار تفرقة لملل ونحل وللناس فيما يعشقون مذاهب وللناس فيما يدعون حجة وبينة والمؤكد أن التاريخ قد يعيد نفسه بأشكال أخرى وإن غدا لناظره لقريب أليس الصبح بقريب؟