Banniére Tmar

خطنا التحريري

ينبثق العمل الصحافي الاحترافي من ميثاق الالتزام الأخلاقي، الموجه للضمير المهني الحي، و المقيد بالأدبيات القيمية و القانونية لعمل الصحفي، المترفع عن سراديب المغالاة و تصفية الحسابات و خوض الحروب بالوكالة، و النائي المزار عن سياسة المحاباة و المجاملة  و ترضية الخواطر. الشيء الذي اندثر في زماننا هذا، حيث أضحى الصحفيون طرائد سهام ملاحقة القارئ و فرائس اللمز و الغمز و النقد اللاذع، و النعت بأقدح النعوت، و صارت صاحبة الجلالة تفقد سموها و هيبتها رويدا رويدا، نتيجة  تمرد حراسها و تكالبهم على عظمتها من بعض الصحفيين و الإعلاميين الذين  حولوا مملكتها إلى مرتعا فسيحا للقالق المنتعشة على دود الابتزاز و الاسترزاق.

مما حذا بتمييع المشهد الإعلامي، حتى صارت تلقب بأقبح الألقاب، تارة الصحافة الصفراء أو صحافة الرصيف و تارة أخرى صحافة الكيلو، كنتيجة حتمية للتمرد على الضوابط المهنية و الالتزامات الأخلاقية التي تلقن بمعاهد التكوين الصحفي، و الانسياق وراء النزعات الفردية. مما صار معه الصحفي النزيه المتيم بقيم و مبادئ الكتابة الصحفية و المتحري في بحر تضارب المعلومة، لا يجد عزاءه إلا في عبرات و زفرات قلمه النحر ير، الذي يسيل دما مائجا من لواعج أحزانه و مكامن أشجانه.

لكل هذه الأسباب و في ظل الزخم الإعلامي الرابض مرابض التبعية و الانجراف نحو المصالح الذاتية و الضارب لعمق المنظومة القيمية للسلطة الرابعة، نجد أنفسنا جد مضطرين على الالتزام بالغوص في أعماق المعلومة المتدفقة من كل حدب و صوب، و وضعها تحت المجهر لتمحيص الصحيح منها من الباطل و نقلها بأمانة في قالب احترافي يراعي جميع قواعد التحرير الصحفي دون تطرف أو مجاملة أو محاباة لجهة بعينها، و بدون خلفيات إيديولوجية أو سياسية.

كما يبقى الانضباط و التمسك بالقوانين المهيكلة و المؤطرة للعمل الإعلامي و الأدبيات الصحفية و الانفتاح على جميع الحساسيات و فق مقاربة منفتحة و مندمجة، الدعامة الأساسية لضمان الاستمرارية و كسب قلوب فئة واسعة من القراء، الذين أصبحوا يعانون من الشيزوفرنيا و الحيرة من فرط تضارب المعلومات بالمنابر الإعلامية.

 كما سنأخذ على عاتقنا تناول القضايا الساخنة بطريقة احترافية من خلال الأجناس الصحفية الكبرى و العمل الميداني بطاقم صحفي محترف مدجج بشتى ذخائر التنقيب اللوجستيكي والدعم المعنوي، و قنابل القواميس الصحافية  و تقنيات التحرير الفنية من الهرم المقلوب إلى الهرم المعتدل، و البعيدة عن الكتابة الإنشائية و اللغة الخشبية.