تقرير يكشف أزمة ثقة غير مسبوقة بين المغاربة والأحزاب السياسية
كشف المركز المغربي للمواطنة في تقرير نوعي حديث عن أزمة ثقة حادة وغير مسبوقة يعيشها المغاربة تجاه الأحزاب السياسية، حيث أظهر الاستطلاع أن 94.8% من المستجوبين لا يثقون في الأحزاب، مقابل 5.2% فقط ما زالوا يحتفظون ببعض الثقة فيها. كما أكد 96.7% من المشاركين أن هذه الثقة تراجعت بشكل كبير مقارنة بالسنوات الماضية.
الأزمة لم تتوقف عند الأحزاب وحدها، بل طالت مختلف المؤسسات. فقد منح المستجوبون تقييماً سلبياً للبرلمان بنسبة 89.5%، والحكومة بـ87.3%، والمعارضة بـ80.6%، فيما لم تسلم النقابات (84.7%) والجماعات الترابية (78.2%) ووسائل الإعلام (73%) من موجة عدم الثقة. حتى الجمعيات، التي يفترض أن تكون أقرب إلى المواطنين، حصدت 50.4% من الآراء السلبية.
التقرير، المبني على عينة من 1197 مشاركاً بين 31 يوليوز و21 غشت 2025، أبرز أن عزوف المغاربة عن المشاركة السياسية بات مقلقاً، حيث أقر 91.2% بعدم انخراطهم في أي حزب، فيما أكد 76.2% أنهم لا ينوون الانضمام مستقبلاً. ومن بين الأسباب الرئيسية لذلك: غياب الديمقراطية الداخلية (33.2%) وعدم تعبير الأحزاب عن تطلعات المواطنين (22.3%).
الأرقام الواردة كانت صادمة: 97.9% يرون أن الأحزاب لا تحترم الديمقراطية الداخلية، و98.2% يعتبرون أنها لا تتواصل مع المواطنين ولا تعتمد على الكفاءة في اختيار المرشحين، بل تتحكم في مسارات الترقي داخلها عوامل مثل المال (64.3%) والعلاقات الشخصية (60.8%) والولاء للقيادة (57.4%).
أما على مستوى السلوك الانتخابي، فقد كشف التقرير أن المال هو المحرك الأساسي للتصويت بنسبة 77.7%، بينما اعتبر 92% من المستجوبين أن السياسيين يترشحون لأهداف مادية وشخصية، و91.5% طلباً للسلطة والنفوذ، و75.1% لضمان الحصانة، مقابل 6.4% فقط يرون أن الهدف هو خدمة المواطنين.
وخلص التقرير إلى أن الأزمة الحزبية في المغرب هي أزمة فكرية وتنظيمية وحكامة، تتجلى في هيمنة الزعامات الفردية، وغياب الشفافية، وانعدام المحاسبة، وتشابه البرامج السياسية. واقترح المشاركون مجموعة من الحلول أبرزها: ربط المسؤولية بالمحاسبة (89.7%)، منع استخدام المال في الانتخابات (57.2%)، وتشديد شروط الترشح (51.1%)، إلى جانب مراجعة القوانين المنظمة للأحزاب والانتخابات.
المعطيات الواردة في هذا التقرير ترسم صورة قاتمة عن المشهد السياسي المغربي، وتؤكد أن استعادة الثقة تتطلب إصلاحات عميقة وجريئة تعيد ربط المواطن بالعمل الحزبي وتضع المشاركة السياسية في مسار جديد.
