
افتتاحية ……..دفنا الماضي
بقلم : أحمد وردي
تركت الجائحة بلا شك أو ريب أو تردد جرحا عميقا غائرا لن يندمل و طمست هوية بائدة غارقة في الجهل من أخمص القدمين إلى شواة الرأس و تبخر هوس السفر في حياة مُؤطرة بسيادة القدر ، و قد علمتنا الجائحة بأن باب السراب مفتوح و باب المجهول على مرمى حجر و بأن الحياة قصيرة و ينبغي أن نملأها بالقيم و جني العبث الندم حيث لا تنفع المناجاة و ليس من المنطق مراوحة الخطأ تعنثا لأن تمرين الحجر و الحظر عنوان إلى محطة الحتمية التاريخية التي قد تصنعها الأقدار فجأة …
الجائحة ليست كابوسا و أضغاث أحلام و حادثة صغيرة في مشوار الحياة ، هي طارئ دفع إلى مراجعات شاملة في النظم و الأنساق و في نمط التفكير و السلوك بعدما تأكد أن مجرد فايروس قلب المفاهيم رأسا على عقب و تجلى الزيف على أبراج مشيدة ، امتحان زمني مرهق أربك معادلات اقتصادية و اجتماعية و سياسية بخارج الإفلاس و الفشل الذريع في مقاومة الهامش الذي انهار مُعلنا ما تحت العتبة من فقر مذقع ….
هل تصير هذه الجائحة مجرد ذكرى و قفشات في تاريخ منسي و يستمر قطار الحياة بعد توقف اضطراري خارج عن الإرادة بلا تأمل و إمعان في العَطَل؟؟ ندفن الماضي و نحيا كأن شيئا لم يقع ، إن ذلك من قبيل التلف الدماغي أن لا نعتبر و نجعل من القدر نبيا مُرسلا لننتقل من تغول طبقي متوحش إلى عيش مشترك عملته الصعبة الإنسان مبرر وجوده العلم و لو كان في الصين!!!