اسئلة حول مدى جاهزية الجماعات الترابية للتقييم النصف المرحلي وتحسين برامجها التنموية خلال الولاية الانتدابية الحالية
مرت ثلاثة سنوات من الولاية الانتدابية الحالية للجماعات الترابية، بسرعة البرق دون ان نشعر بحجم هذه السرعة الزمنية التي لم يعد يحس بها الانسان نتيجة كثرة الضغط اليومي المتزايد، وذلك منذ إجراء آخر استحقاقات انتخابية في 8 شتنبر 2021, وهو الأمر الذي يدفعنا الى التساؤل عن حصيلة عمل المجالس المنتخبة خلال نصف مرحلة الولاية الانتدابية للجماعات الترابية بالمغرب؟
انطلاقا من مؤشرات جودة البرامج الترابية و طريقة اعدادها وتحقيق انتظارات وتطلعات ساكنة هذه المجالات الترابية المختلفة ، من خلال ما تتيحه القوانين التنظيمية الثلاثة ذات الصلة ( 111/14, 112/14 و 113.14 ) التي تحدد اختصاصات الوحدات الترابية الثلاثة( الذاتية، المشتركة والمنقولة).
فما هي الأسئلة المركزية المطروحة الآن في ظل الحديث عن التقييم النصف مرحلي لبرامج عمل الجماعات الترابية؟ وإلى أي حد يمكن أن تحديد معايير فعالية التدبير الجماعي ونجاعة هذه البرامج؟
ضمانا لاستدامة أثر التنمية في صناعة التحول الترابي .
على ضوء ذلك، يمكن ان نطرح الأسئلة التوجيهية على الشكل التالي :
1 – هل تم احترام قواعد وآليات الديمقراطية التشاركية خلال مختلف مراحل اعداد برامج عمل هذه الجماعات وفق القوانين التنظيمية ذات الصلة بالجماعات الترابية، وأيضا المراسيم التطبيقية التي فصلت و شرحت و حددت المراحل و تقنيات التشكيل المرتبطة بآليات الحوار والتشاور؟
2 – هل تم توسيع الاستشارة مع الفاعلين الترابيين بما يكفي لتحديد حاجيات المجال الترابي والتدقيق في أولويات الساكنة؟ ام أن العملية تمت في غيابهم دون إشراك الأطراف المعنية بالمشاركة ؟
3- هل الساكنة المعنية بشكل مباشر بأثر هذه البرامج الترابية راضية على ما أنجز خلال النصف المرحلة من التدبير الترابي؟
4 – اذا كانت كانت هناك عوائق حالت دون إنجاز ما تم اعداده وتخطيطه، ماهي طبيعتها هل هي قانونية ام إدارية ام امور اخرى روتينية؟
5 – هل الجماعات الترابية جاهزة للقيام بهذا التقييم المرحلي التشاركي لتدارك الأخطاء احيانا وبطئ الانجاز على مستوى تنفيذ، البرامج احيانا اخرى إن أنجزت فعلا ؟…
هذه أسئلة مركزية وغيرها، يمكن أن تتولد عنها اسئلة فرعية كثيرة اخرى، نعتبر انها ليست كافية لوحدها، من أجل تدارك ما لم يتم إنجازه وما تم عرقلة بعضه خلال هذه النصف المرحلة المنتهية من الولاية الانتدابية للجماعات الترابية، كما انه لن يكون لهذه الأسئلة أو اجوبتها أو محاولة الإجابة عنها، اي أثر حقيقي وفعلي، ما لم تتم الإجابة عنها بشكل تشاركي حقيقي مع كل الفئات المستهدفة من ساكنة هذه المجالات الترابية المعنية، و ايضا إشراك كافة الفاعلين الترابيين الاساسيين ومنهم المجتمع المدني، حتى يكون لهذا التقييم معناه الحقيقي، وتكون نتائجه ذات أثر اجتماعي وقابلة للتطبيق والانجاز العملي، وإلا فإن كل ما يمكن ان نقوم به رغم اهميته، سيظل اثره وفعله محدودا في غياب الارادة القوية والقناعة المبدئية من أجل توسيع مجال المشاركة المواطنة على اكبر قدر ممكن، ضمانا لنجاعة وفعالية التدخلات على المستوى الترابي.
إن مسالة الوقت واهمية إستغلاله بالشكل الأفضل له أهمية بالغة، لأن العكس هو الطامة الكبرى، حيث لم يعد مسموح لنا بهدر الزمن التنموي أكثر مما تم هدره في السابق، لذلك فالوقت مناسب الآن لتدارك أخطاء وهفوات وعراقيل اعداد وتنزيل برامج التنمية الترابية خلال هذه الولاية،
ذلك أننا اذا ما تمكنا من القيام بتصحيح اخطائنا و إعادة الامور إلى نصابها عبر تقييم مرحلي، تشاركي حقيقي قادر على تقديم خلاصات ومخرجات مبنية مع الجميع ومن اجل الجميع، سنكون لعمري قادرين على إنقاذ هذا التمرين الجماعي من عدم قدرته على الاستجابة لتطلعات وطموحات وآمال الساكنة بمختلف المجالات الترابية ، و بالتالي وسنخلف موعدنا مع الزمن التنموي الصحيح مرة اخرى.
إننا واعون تمام الوعي أن تنزيل تمرين “العمل بالتخطيط الترابي التشاركي المبني على تحديد أولويات المجال الترابي وجاجيات الساكنة، من خلال برنامج عمل الجماعة و برنامج تنمية الاقليم والعمالة وبرنامج التنمية الجهوية، لا زال لم يراكم تجارب ترتقي إلى أن تكون فضلى بالشكل الذي يجعلها مرجعا حقيقيا، يمكن الاقتضاء بها والرجوع اليها عند الحاجة، بل لازالت العديد من الاشكالات مرتبطة بهذا التمرين، منها ماهو ذاتي مرتبط بطبيعة وتركيبة هذه الوحدات الترابية، ومنها ما هو موضوعي مرتبط اساسا بالقوانين التنظيمية ذات الصلة، ومنها ما هو مرتبط بالمساطر و ضعف الموارد المالية والبشرية، لكن رغم كل هذا وذاك لا يمكن ان ننكر على عدد من الوحدات الترابية قلقها الدائم وبحثها الذؤوب و اجتهادها وارادتها القوية رغم كل الظروف لخلق التحول الترابي المنشود، والتي يعتبر حافز كبير سيخلق لا محالة الفرق بين هذه التجارب واخرى من حيث النتائج والاثر، وفي ذلك فليتنافس المتنافسون على خلق التحول الترابي المنشود.
والله الموفق والمستعان.
خالد مصباح فاعل ترابي وناشط حقوقي.