إجراءات زجرية جديدة لتخليق الحياة السياسية: مشروع قانون انتخابي صارم يعرض أمام البرلمان

0

كشف وزير الداخلية، عبد الوافي لفتيت، عن حزمة واسعة من الإجراءات الزجرية التي تضمنها مشروع القانون التنظيمي رقم 53.25 المتعلق بمجلس النواب، مؤكدا أن الهدف المركزي يتمثل في تعزيز نزاهة الانتخابات المغربية وتحصين الحياة السياسية من كل أشكال العبث والتلاعب. وأبرز الوزير، خلال تقديمه لمضامين المشروع أمام لجنة الداخلية بمجلس النواب، أن هذه التعديلات جاءت ثمرة مشاورات مع الأحزاب السياسية وفي إطار تصور مؤسساتي يروم الرفع من منسوب الثقة في العملية الانتخابية وصيانة سمعة المؤسسة التشريعية.

 

وأكد لفتيت أن المشروع يستند إلى التجربة الوطنية المتراكمة في تدبير الاستحقاقات الانتخابية، وإلى الممارسات الديمقراطية المقارنة، معتبرا أن المرحلة المقبلة تتطلب قطيعة نهائية مع الخروقات التي تمس المروءة وسلامة الذمة ونزاهة المسلسل الانتخابي. وضمن هذا التوجه، نص المشروع على منع الترشح لكل من ضُبط متلبساً بارتكاب جرائم من هذا النوع، أو صدر في حقه حكم قضائي يؤدي إلى فقدان الأهلية الانتخابية، أو حكم ابتدائي بالإدانة في جناية، إضافة إلى المنتخبين الذين صدر قرار بعزلهم من مهامهم.

 

وبحسب العرض الذي قدمه وزير الداخلية، فإن المنع من الترشح يسري من تاريخ إيداع الترشيحات إلى غاية يوم الاقتراع، مع التنصيص على رفض أو إلغاء أي لائحة تضم مترشحاً تم ضبطه في وضعية مخالفة حسب توقيت الضبط. وللحد من ظاهرة عودة المنتخبين المعزولين إلى مواقع المسؤولية، يقترح المشروع تمديد مدة المنع من الترشح لتشمل ولايتين انتخابيتين كاملتين، وهو ما اعتبره لفتيت خطوة ضرورية لتخليق المؤسسات المنتخبة وتحصينها من الانزلاقات الأخلاقية.

 

كما يقترح المشروع مضاعفة المدة المخصصة لمنع ترشح أطر وموظفي الدولة ممن يُحتمل أن يستغلوا نفوذهم، لترتفع إلى سنتين على الصعيد الوطني، وأربع سنوات داخل الدوائر التي مارسوا فيها مهامهم. وشدد لفتيت على أن هذه المقتضيات تشمل أيضاً موظفي وأطر وزارة الداخلية لضمان حياد الإدارة الترابية وتكافؤ الفرص بين المتنافسين.

 

ومن أبرز المستجدات أيضاً، التنصيص على تجريد كل نائب من عضويته إذا تجاوزت مدة اعتقاله ستة أشهر، حماية لسمعة المؤسسة النيابية وصورتها أمام الرأي العام. ويلزم المشروع المحاكم بإحالة نسخ الأحكام الصادرة في حق النواب إلى الولاة والعمال داخل أجل ثلاثين يوماً، ليتسنى إحالة طلب التجريد إلى المحكمة الدستورية.

 

ويمنح المشروع للسلطة المكلفة بتلقي الترشيحات صلاحية إحالة حالات التنافي إلى المحكمة الدستورية، مع تمديد المهلة القانونية لتسوية الوضعيات من 15 إلى 30 يوماً. وفي الجانب الزجري، اعتمد المشروع مضاعفة العقوبات السالبة للحرية والغرامات المالية على الجرائم الانتخابية، وإعادة تكييف عدد منها من جنح إلى جنايات، نظراً لخطورتها، مثل اقتحام مكاتب التصويت، الاستيلاء على الصناديق، أو محاولة تغيير النتائج.

 

وأدخل المشروع مقتضيات جديدة موجهة لمكافحة الجرائم الانتخابية عبر الفضاء الرقمي، من خلال تجريم استخدام شبكات التواصل الاجتماعي أو الذكاء الاصطناعي لنشر أخبار زائفة أو تركيب محتويات رقمية بقصد التأثير على الناخبين أو التشكيك في نزاهة الانتخابات. وتنص المادة 51 المكررة على عقوبة حبس من سنتين إلى خمس سنوات وغرامة تصل إلى مائة ألف درهم لكل من يستعمل الوسائل الرقمية لنشر محتويات مضللة أو انتهاك الحياة الخاصة للمترشحين، مع تطبيق نفس العقوبة على المشاركين في نشرها أو توزيعها. ويجرّم المشروع أيضاً نشر الإعلانات السياسية المؤدى عنها على منصات أجنبية، حماية للمسار الانتخابي من أي تأثير خارجي.

 

وفي خطوة غير مسبوقة، ينص المشروع على عدم إمكانية إصدار العقوبات البديلة في الجرائم الانتخابية، بالنظر إلى خطورتها على الثقة العامة، مع مضاعفة العقوبات في حالة العود. وأكد وزير الداخلية أن تعديل 28 مادة من أصل 32 تخص الجرائم الانتخابية يعكس إرادة سياسية واضحة للانتقال نحو مرحلة متقدمة من الشفافية والنزاهة، وإعادة الاعتبار للعمل الحزبي والنيابي في المغرب.

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.