Banniére SIAM

تحية مني إليكم .

1

sabri

بقلم:يوسف صبري.

باسمه الأعلى ، والحمد لله الذي أطال في أعمارنا بعد عودتنا من على حبل المشنقة من براثن ذلك الجب العميق الذي زين للكثيرين أن يضعوني فيه  وكنت أراه عميقا وكانوا يرونه أعمق مني بكثير، الحمد لله الذي عدنا ليرينا الله بعضا من خصال البشر على هذه البسيطة ، والحمد لله الذي قذف الحق على الباطل فدمغه ، والحمد لله على كل حال ، ونعود بالله من شر الأحوال وسوء المآل .

تحية مني إلى كل أولئك الرجال والنساء ، والى الأمهات والأخوات، إلى السيدات المؤمنات العادلات المقسطات المرابطات بفضاء الحرية القاسي الأبراج  البارد الفصول  ، تحية مني إلى العاملين بالليل والنهار والمقيمين الصلوات والذاكرين الله  كثيرا، تحية لهم، لأنهم لم ينسوني طيلة ساعة العسرة ، تلك الساعة التي أطال الله في أيامها لأرى فيها الشيء الكثير ، تحية للجميع من على مرتفع حي التقدم البارز برجاله ونسائه وأطفاله وشيوخه، وتحية لجبل وزرن المقابل لذلك الحي ، ذلك الجبل  الشامخ الذي علمني التحدي مند الصبا والمرور بين فحيح الأفاعي دون أن أصاب، تحية للمئات من الذين زاروا بيتي لا خوفا  مني ولا طمعا وإنما حبا وإيمانا منهم بأهليتي للزيارة  ،تحية للأصوات التي ارتفعت وللزغاريد التي نطت من أعمق الأعماق، ولتلك   الأصوات التي همست سرا في كل مكان لتبيان أحقيتي للهواء ،  وتحية للأستاذ  المحامي الكبير عبد الصادق عبيد  وكذلك يكون المحامون  ، محامون من عيار يوم ” مونتيكومري  ”  الشاهد على  مجد المحامون العظماء ، تحية لمجهودات الذين منحوا أسمائهم ووضعوها رهن إشارتي ، أولئك  الكبار الذين كانوا إلى جواري ووقعوا في عرائض حملت الكثير من الإلهام ونكران الذات  ، عندما كنت أنا رويدا رويدا أتجلجل وسط الأرض انغماسا من هول ما لطخت به سوءتي ، تحية للإخوة الإعلاميين ولطاقم جريدة بلاد بريس” المنارة ” الذين ظلوا على مر الشهور مرابطين حول نورها الموغل في ظلمة  ووحشة الباطل و هول ما يحاك  ، وتحية للذين زاروني و أعينهم تفيض دمعا ،أولئك الذين لم يبخلوا عني دعاءا لله كي ينجني من أيام عبوس قمطرير ، تحية كذلك لوالدي الفقيه العارف بربه  الذي أرادوا النيل من كبريائه واستعلائه في مدارج العارفين  بالله وهو سليل لشجرة القانتين لربهم ولم يكن أبائه رهط من الأفاكين، تحية لوالدتي عائشة لتلك السيدة البسيطة التي كاد أن ينتهي أثرها وزمنها  لولا إيمانها العميق بوجود الله  ، ولولا ذلك المعقد من الشعور الذي كان ينتابها باسم الأمهات  و يقينها بأنني ” المظلوم ” ، وتحية لأسرتي الصغيرة ولطائر ” بافل ” PAVAL ” أخي الصغير الذي حل مكاني قاطعا المسافات ومسابقا الزمن من أجل نيل حريتي، رغم إساءة أصدقاء الأمس  – قتلة اليوم -وطلبهم تريثه إلى حين سماع حكم  كثيرا ما اجمعوا كيدهم من أجل بلوغه ،   وتحية لمن لم أعرفهم ولم أكن لأتعرف إليهم لولا المحنة،  فشاء الله في النهاية أن وجدتهم حولي  محلقين يمرحون وقد أخد منهم الشوق لرؤيتي ، وتحية للرحامنة ولساكنة ابن جرير ولمن قال في كلمة حق وأحبني .

تحية للسجان ببولمهارز الذي عاملني بحنان وسط تلك الأحراش ووسط ذلك السواد الرهيب ، وتحية لداك السجان بسجن الأودية ، الذي وهبني مكانا عليا  وقلما يحظى السجين بذلك الوقار وسط زنازن الموت ،وتحية للسجناء الذين عاملوني باحترام شديد وكنت سندهم ومعلمهم بعضا من فصول ما يجهلون ، وأتمنى أن ينير الله طريق الحق ويميط الغفلة التي تضرب بعضا منهم إيمانا مني بأن ما يملكونه من النبل يحتاج إلى الكثير من المداد . تحية لذلك القاضي الذي حكم  مخلصا رغم العوائق والمدافن والحواجز والمطبات التي وضعت بيني وبين نسيمها ، تحية له عندما صدع  بكلمة  من وراء منبر العدالة العالي ونطق ببراءتي ، تحية لقضاة تلك المحكمة جميعهم ولرئيسها في زمن  مغربي لطالما أخاف الناس قضاءه وأخافني من وراء الأسوار كذلك ، من هناك وراء  جبال الأطلس ، وبعيدا عن ضجيج جامع الفنا ودخانه،  ووراء  حدائق” جاردان ماجوريل ” وبعيدا كذلك عن منتزهات المدينة الحمراء وعن جمال  قصورها وأرصفتها .

تحية أخيرة لأخر رجل عرفته، ذلك الشرطي الذي رافقني من بهو المحكمة  إلى قاعة ” الفصل ” عندما كان يمشي إلى جواري معانقا إياي وقد عاش معي بعضا من تفاصيل المكتوب مند أول يوم لي هناك ، تحية له وإجلالا  لتلك الكلمة التي لا يزال صداها يتردد بأدنى ، احسبها كانت جرعة من الأمل يمكن أن تمد رجل ذاهب إلى لا عودة  – إلى القبور-  حين قال لي ” …….لا تخف فانا من يمشي بجوارك مرضي الوالدين ، لا تخف ستكون حرا بعد حين” تحية له ولعقيدته التي لم تخطئني وتحية لفاله الحسن  ولإنسانيته بعيدا عن الأصفاد “ودغمائية  dogme ”  الشرطة العمياء  التي تجعل من المرء مجرد فزاعة فارغة من الأحاسيس ومفهوم الإنسان ،و التحية والمجد للرجال الذين لم تلههم نياشينهم ولا لباسهم ولا مواقعهم الكبيرة في إعلان مؤازرتي  بكلمة كانت أخر ما  نجاني من الهلاك .

قد يعجبك ايضا
تعليق 1
  1. said يقول

    llah barek khoya youssef wa ni3m l2akhla9

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.