1 ـ المهزلة الأولى: محمد العيادي نموذج ” مثالي” للانتخابات المغربية:
لا شك أن المتتبع للشأن المحلي بابن جرير، سيقف عند الوضع الشاذ الذي دأب السيد العيادي على تجسيده منذ أن ولج مجال السياسة ، وانتخب عضوا عاديا في الولاية الجماعية التي رأسها السيد الشعيبي ، بعد رحيل السيد الهمة سنة 97، مرورا بالولاية التي رفعه فيها اعتقال الشعيبي والحكم عليه بالحبس النافذ، إلى رئيس فوق العادة لبلدية ابن جرير، لم يتزحزح من كرسيها إلا بعد أن دحره الجرار سنة 2009 ، وانتهاء برئاسته لوكالة لائحته الخاصة في الانتخابات الأخيرة.
وإن كان من شذوذ بسيكوباتي سياسي ، يحتاج إلى علماء نفس السياسة وسوسيولوجييها وأنتروبولوجييها، فهو المزاجية المفرطة التي تصل حد “التصابي” في تعامله مع ما يمكن اعتباره “مسؤولية”اتخاذ القرار، وتصريف ذلك القرار، انطلاقا من نزوع مرضي متعصب مرتكزه “أنا أو لا أحد”. ويتجلى ذلك في صور متكررة تبدأ من كاليغرافيا الملصقات الدعائية، ولا تنتهي باختفائه النهائي ، كلما فشل في غنم أغلبية ، مهمتها أن تضعه بكل دعة وحنان فوق “عمارية” رئاسة المجلس ، وبعدها تضع اللصاق على أفواهها ،ولا ترفع أصابعها مبايعة مباركة إلا عند الكوارث الكبرى:( الميزانية ـ الحساب الإداري ـ تحويل اعتمادات ـ طلب قرض ـ برمجة تفييض ما يفيض…).
وأغلب الظن، أن عوامل كثيرة مجتمعة، ساهمت في بناء شخصه على هذا المنوال ، على رأسها شعوره بقيمة الانتساب العائلي، وبالتالي الاستقواء بهذا الرأسمال الذي لا زال يجد له الدعم والسند في بنية المخزن العتيقة. وساهم “تساهل” السلطة والقضاء مع حالته ، سواء في القضايا المرتبطة به لما كان رئيسا للبلدية ، أو كلما تعلق الأمر بحالة الفلتان أثناء سعار الحملات الانتخابية التي كان يدخل غمارها مسلحا ب( برؤى وبرامج انتخابية من الموروث القائدي المعتق) ، إضافة إلى شعوره بضعف “غرمائه” في حزب الجرار، الذين لم يقووا خلال الولاية المنتهية على عهد السيد الهمة وبعده السيد التهامي محيب ،على اقتناص فرصتهم الثمينة بتطبيق مقتضيات الميثاق الجماعي وإعمال جزاءات الغياب المستديم بلا مبرر، وبالتالي تجريده من عضويته داخل المجلس.
وقد آثرنا في هذا التصديرـ الذي خصصناه بالحصر للسيد محمد العيادي ـ عدم الإشارة أو التلميح لحزب التجمع “للأحرار” ولا لباقي “المستشارين الفائزين”فيه ، للاعتبارات سالفة الذكر ولكون السيد العيادي ، لا يعنيه من كل الانتخابات جميعها ، سوى أن يكون “فارسا مغوارا” و”علاما”(بتشديد اللام ) على “سربة” من الخيول الكارطونية.
2 ـ المصباح والحمامة: ضربة في الحافر وضربة في النافر:
يبدو أن علاقة “المصاهرة” السياسية والجوار الجغرافي ، وحسابات المغانم الشخصية لبعض الأسماء الصاعدة في حزب إخوان بنكيران “المشتغلين “مع الله و”في سبيل الله”، قد توجت مسارات التنسيق ما قبل إعلان النتائج ، وأكدت صحة ما تداوله الشارع من وجود تحالف أو نوايا تحالف أو بصيغة أدق مشروع تحالف ثلاثي ضم المصباح والحمامة وبعض العابرين من على ظهر الرسالة.
ولعل في الموقف المشترك بالانسحاب من اجتماع انتخاب مكتب المجلس ، إشارة واضحة لتوثيق ذلك التحالف على رؤوس الأشهاد وفي محاضر السلطة وكتابة المجلس.
وإذا كان السيد العيادي ومعه بعض “مستشاريه” ، يمكن اعتبارهم من اليوم في عداد الغياب المزمن عن سبق الإصرار، إضافة لكون السيد عبد الخالد البصري تعوزه اللياقة البدنية ، ويفتقد “للتنافسية والجاهزية” للمعارضة، مادام لم يعتد من قبل على هذا الدور وفي هذا الموقع، فإن البقية (باستثناء السيد عبد العالي هيدان) قد تكون مجرد “إلترا” تعرض “التيفو” عند استعرض جدول الأعمال، وتجمعه عند تلاوة برقية الولاء والإخلاص ورفع الجلسة.
3 ـ الانسحاب شعور بهزيمة نفسية أكثر منها هزيمة سياسية:
إن الزعم بالقول أن الانسحاب من أول اجتماع ، مرده إلى ما عرفته الانتخابات من تجاوزات(وهي حصلت بالفعل وبلا حساب)، أمر مردود عليه ولا يعبر سوى عن محدودية التفكير وقصور في تقدير المواقف السياسية ، لأن الطعن في شرعية النتائج أو في العملية الانتخابية برمتها ، له مدخلان لا ثالث لهما: إما اللجوء إلى القضاء، وإما الانسحاب من العملية في الزمن السياسي المناسب ،وتسجيل موقف جريء وشجاع يستند إلى القاعدة الفقهية ( ما بني على باطل فهو باطل).
4 ـ أي أفق لمعارضة هلامية؟
سيكون من السخافة أن يتحدث التابعون للسيد العيادي عن شيء يسمى المعارضة ، لأنهم في الأصل كغيرهم ممن تقدموا للانتخابات ، لا يمتلكون أية أفكار وأية مشاريع ، مادام مصير وجودهم داخل المجلس كان متعلقا بالسيد العيادي، ومادام مرجعهم في إدارة وتسيير شؤون الجماعة على عهده (وبالعقلية والطريقة المعروفتين : السب والشتم وافتعال أسباب التوتر). وسيكون من السخافة أيضا أن يتحدث مستشارو العدالة عن شيء يسمى المعارضة ، ماداموا اختاروا العنوان الخطأ لعقد زواج كاثوليكي ، وهم يعلمون ما جرى وصار خلال الولاية الجماعية 2003/2007. وإن كانوا في حاجة للتذكير فليبحثوا في أرشيف كتابة المجلس عن قاموس الأهاجي والشتائم المدونة بمداد “الفخر”، وعن وقائع الضرب والجرح داخل “الحرم الجماعي (ياحسرة) أو ليبحثوا في أرشيف عمالة السراغنة ومحاكم ابن جرير ومراكش عن رزم القضايا المرفوعة، أو لينبشوا قليلا في أرشيف جريدة “الأحداث المغربية.”ويسألوا الزميل عبد الرحمن البصري، أو إذا بدت لهم مهمة التفتيش غير يسيرة ، فليسألوا السيد عبد الخالد البصري ،فقد كان شاهدا كما كنت وكنا وكنتم وكانوا.
5 ـ مهزلة السيد المهدي بوخير:
وظفه السيد العيادي بالمقايضة هو وزميله السيد إدريس الإدريسي في أجواء مشحونة بردود أفعال غاضبة من جمعية المعطلين ولجنة التنسيق المحلية، التي عقدت اجتماعا مع عامل الإقليم السيد” كلموس” ونظمت ندوة صحفية بنادي المحامين بالرباط. وبعد أن أوصلهما عبر لائحته، انقلبا عليه لمصالح شخصية معروفة. فالتحق الأول سابقا بالجرار، ولازم السيد المهدي مقعده بعد انسحاب “رفاقه”، وصوت رفقة “رفاقه ” الجدد في حزب الجرار.وبعد إنجاز المهمة و”الثناء” على موقفه «الشجاع”، غادر القاعة مفعما بآمال المقابل.
وإن كان من توصيف لائق بحالة السيد المهدي وقبله السيد إدريس فهو : بؤس السياسة ـ بئس السياسيون.
6 ـ مهزلة السلطة و الجرار. أو حينما تحول مقر الجماعة إلى مقر لحزب “البام”
أثناء تقديم مقترح ترشيحات لائحة أعضاء مكتب المجلس الحضري ،وبعد التصويت عليها بالإجماع ، تعالت التصفيقات والشعارات والهتافات ذات الشحنة الاستفزازية للحاضرين، وذلك لفترات متعاقبة، من طرف مناصري وأتباع حزب الجرار، دون اعتبار لحرمة مقر الجماعة(إن كانت لازالت له حرمة) ودون اكتراث لوجود السلطات الوصية ، والتي يبدو أنها تشاطر الحزب فرحته، ولم تبد أية ردة فعل لإيقاف مثل هذه السلوكات التي تعتبر غير مسموح بها في نظر الميثاق الجماعي، لأن حضور السلطة لا يعني سوى السهر على تطبيق القانون من جهة، والحرص على النظام من جهة أخرى.
7 ـ وحينما تحول السيد عبد العاطي بوشريط إلى رئيس للمجلس الحضري لحزب “البام”:
قد يعي السيد عبد العاطي أو قد يكون غاب عن وعيه ، أنه بمجرد انتخابه قد أصبح رئيسا لكل سكان جماعة ابن جرير، الذين صوتوا عليه أو الذين صوتوا ضده، أو الذين قاطعوا التصويت أو الذين لا يملكون حتى هذا الحق.
وما شكره وامتنانه وعرفانه وتحياته لأعضاء حزبه الذي سماه بالاسم، وداخل مقر الجماعة، لا يمكن وضعه إلا في خانة الخطأ السياسي الجسيم ، والذي يعبر في جوهره عن شوفينية ، لا تختلف عن عصبية وشوفينية ابن كيران الذي يشتغل مع الله وفي سبيل الله.
8 ـ بوشريط من الترشح و”العدول” عن الترشح باسم المنظمة، إلى رئاسة المجلس :
بصرف النظر عن كون السيد بوشريط ينتمي لحزب لازلت شخصيا وسأستمر في نعته بحزب الدولة، ولن أسمح لذاكرتي أن يصيبها ـ التجويف التاريخي وزهايمر السياسة ـ وبصرف النظر عن الأساليب التي استعملها حزبه خلال الحملة الانتخابية، فالسيد عبد العاطي يبقى في تقديري أفضل من تتوفر فيه بعض الخصال (بالقصد الأخلاقي طبعا) من بقية السبع المتاني، التي عرضت على الجمهور، وبعض المعايير(بالقصد السياسي) ، وذلك لكونه يؤمن بانتسابه للحزب الذي ينتمي إليه، ويستميت في الدفاع عنه، وعما يسميه بالمشروع التنموي الكبير، وأوراش “التنمية”التي لا تتوقف، وذلك تأسيسا على قناعاته الشخصية.وهذه “التزكية” الاعتبارية يمكن تعميمها على كل الأشخاص الذين يرتبطون بفكرة ما ويخلصون في الدفاع عنها دون تعصب أو غلو ، عكس بعض الكائنات المتحولة عشرات المرات في اليوم الواحد.إلا أن ما يتهدد هذا البنيان الاعتباري الذي يستوطنه السيد عبد العاطي، هو تضعضعه في اللحظات الحاسمة وخاصة أمام أية قوة ضاغطة، يتخيلها أشد منه بأسا ونفوذا .وسياق هذا الحديث وسنده، هو انهياره بالكامل قبيل انتخابات 96/97. فبعد أن وقعت له تزكية الترشح باسم منظمة العمل الديمقراطي، بعد موافقته على خوض غمار الانتخابات بلونها، تدخلت ساعتها الجماعة التي تحلقت حول السيد فؤاد عالي الهمة ـ الذي وضع هو الآخر ترشيحه بالدائرة الانتخابية 2 ـ وصدت السيد عبد العاطي بقوة عن الترشح، بل أرغمته على حمل لون اللامنتمي، وأجبرته على الترشح في الدائرة 19 في منافسة السيد عبد الجليل معروف ، الذي فاز بمقعده باسم المنظمة. وبقية الحكاية يعرفها الأستاذ بوشريط بمقهى “أنوال”.
9 ـ السيدة والسادة: الغالية النقيوي/عبد المالك بوسلهام/ عمر براكش/ عبد الخالق جوهري:
يساريون “لايت” غادروا مدرسة الحزب الاشتراكي الموحد قبل متم القسم التحضيري.
لا ملامة على هؤلاء الأصدقاء ، لكونهم لم يعمروا بالقسم التحضيري لمدرسة اليسار الموحد، سوى شهرين متتابعين من قبل أن يتماسا، وغادروا دون ضجيج ، مباشرة بعد مقدم السيد عالي الهمة ، المصحوب وقتها ب”عاصفة الصحراء”سنة 2007، بعد أن منحوه هم وغيرهم من الحزب توقيعات “البيعة” للترشح للانتخابات التشريعية ، فانصهروا بشكل سريع في الحزب المخزني الجديد، وأصبحوا قطع غيار مهمة في ماكينة الجرار، وتعلموا ، وتعرفوا على المسالك الواضحة والسهلة التي تفي بالغرض المنشود، وتوصل إلى الهدف المطلوب.
وما كان لي أن أنبش في تلك السيرة ، وأطرحها على سبيل المفاضلة مع نقيضها، سوى لأنني أحترم أولئك الأصدقاء ، وأحترم قناعاتهم لأنهم غادروا في الزمن السياسي المناسب .فلم ألق بالا لانسحابهم ولا لتوقيعاتهم مع السيد الهمة، لأنهم ما عاشوا تجربة “23 مارس” ولا “إلى الأمام” ولا “لنخدم الشعب” ولا “منظمة العمل”، ولا هم ركبوا على رصيد سنوات الجمر والرصاص من أمثال إلياس وبنشماس وبلكوش والوديع وبنعزوز والرويسي المريزيق وفريد أمغاروغيرهم.
10 ـ لمن يعتقدون أنهم في اليسار:
“ليس مهما في حياتك أن تكون يساريا أو يسارية في بداية مشوارك السياسي، بل الأهم أن تستمر يساريا إلى آخر الطريق”.