اليوم العالمي للشاي (أتاي): الاكثر مشروب بعد الماء حسب إحصائيات الامم المتحدة.
بقلم : محمد الطنطاوي باحث في الثرات.
يعتبر الشاي “اتاي” رمزا للكرم والمروءة والترحاب وحسن الضيافة، وأول ما يقدم للضيوف.اذ لا يمكن ان تدخل بيتا سواء كان اهله فقراء او أغنياء الا وسارعوا الى إحضار صينية الشاي.لكن بشروط محددة وفي غاية الدقة.
●من المعيب ان يحضر الشاي في المطبخ.لأنه بمثابة محفل جماعي.
●لابد من وضع الصينية والبراد والكؤوس والربايع و(البابور) والمقراج، امام الحضور.
●لابد من تكليف أحد المهرة في إعداد الشاي أو أحد المدعويين ،وقد كان في ما مضى مهنة مخصصة لأصحاب الشأن الرفيع من القواد والبشوات وعلية القوم والاعيان (طبيلي) خاص بإعداد الشاي للضيوف حسب التوقيت فشاي الصباح مغاير للشاي الظهيرة وشاي العصر مغاير للشاي ما بعد العشاء ، وقد قيل عن الطبلة من الامثال الشعبية(الطبلة تتعطى غير للجواد)
● لا بد من تقديم الطاس للطبيلي وغسل يديه جيدا ،ويمنع عليه منعا باتا ان يلمس جلده او حتى عينيه ،وإلا أمر بالغسل مجددا ويتم توبيخه ونهره أمام الملأ.
●لابد من ان يجمع رجليه معا دون إطلاقهما (يتربع)
●لابد من وضع الربايع (الزنبيل) الخاص بالشاي وربايع السكر على يمين الطبيلي حتى يتمكن من إستخدام اليد اليمنى بعيدا عن اليسرى .
●لابد من وضع فتحة الابريق الخاص بالماء(لمقراج)في إتجاه الحضور ،وإلا إعتبر إهانة لهم.
●يمنع إضافة الماء البارد على الساخن داخل (لمقراج)حيث يؤثر على مذاق الشاي وهو ما يصفه الراسخون في تذوق الشاي ب(لكاس لمفلس)
●لابد ان يطهى على نار هادئة،مع المسامرة وطلاقة الوجه.
●لابد من رفع البراد عاليا اثناء الصب داخل الكؤوس ليصدر صوتا اشبه ما يكون بمجاري المطر وإدخال الفرحة في اللاشعور للحضور.
●لابد من الحصول على رغوة داخل الكؤوس تسمى (الرزة) اي العمامة،مع الحرص على اللون القريب من لون الذهب وهي علامة نجاح العملية. وقد قيل عن اللون (لم يدر ما لذة الدنيا وبهجتها
من لم يكن من كؤوس الشاي قد شربا
فهي المريحة للأحزان قاطبة
ناهيك إذ لونها قد شاكل الذهبا.)
●يسكب الساقي نصف الكأس للحضور ،فملأ الكأس له دلالة مهينة للمتلقي،
●اثناء التقديم يبدأ باليمين ، ويحضر ان تلمس الكأس من الاعلى من موضع تقبيل الشفاه للكؤوس.
●عند إختلاط الكؤوس لابد من إعادة غسلها مجددا.
●تتم بعض الاضافات للشاي من منطقة لأخرى ،كالنعناع،الزعفران،
العلك.
هذا ويعد تاريخ الشاي بالمغرب حافلا بالاحداث الاقتصادية والسياسية والدينية التي أثرت على مجرى التاريخ بالمغرب مما ادى للعديد من الفقهاء الى تحريمه، خصوصا مع بداية القرن التاسع عشر ليثم التراجع عن الفتوى ، ويصبح المشروب الاول للعلماء والزوايا والسلاطين والوزراء والاعيان والفقراء وعامة الشعب .
ويعد تقديم الشاي بمثابة ترحيب وتوقير للضيف .فعند مناسبات خاصة لعقد الصلح او طلب حاجة ما او غيرها يقول الضيف للمضيف لن اشرب كأسك حتى تناولني مرادي،فيكون من المعيب أن يرده خائبا بدون قضاء حاجته .ومن الامثال الشعبية تفنن المغاربة في إنشاء الامثلة الخاصة بالشاي وكذا بتراثهم الشعبي الغنائي …فعلى سبيل المثال عن البخيل يقال له(اتايو اصفر،اتايو مسوس. يخليك يا راي مافيك اتاي) .وينشد شيخ فرقة حمادة بالرحامنة محمد الهماني
(وما زين الساقي يكون حاكم على برادو
والبراد حاكم على كيسانو
ومقراش نحاس مشفت بحالو
كاس ياناس
وماهو سواقي يبري ذات من لحساس
وتبارك الله على الساقي).
ويعد مجمع (إسلان) وهو تجمع الشباب رفقة العريس ووزيره من العادات التي توثق لهذه المراحل وضبطها ،حتى لا يتم تنفيد الحكم بالغرامة المالية ،او البدنية. وتعد من المدارس التي لا تحتمل او تتغاضى عن إرتكاب اي خطأ او هفوة للساقي او المسقي .