من ذاكرة الصحافة الورقية في بنكرير: البدايات المؤسِّسة مع “بوابة تانسيفت”

0

كتب عبد الكريم التابي

 

تذكير قبل البدء: لما أعدت مراجعة مشروع النبش في بعض من ذاكرة بنكرير، تبين لي أنني تركت في بعض جوانبها بعض الفراغات التي أعمل على ملئها إنصافا للذاكرة .

وحينما يتعلق الأمر بالتاريخ والذاكرة، فكل قفز على الأحداث والأشخاص الفاعلين فيها، وكل حشو بما ليس فيها ومنها عن قصد أو بغيره ـ بصرف النظر عن خلفيات أولئك الأشخاص والأحداث الفكرية والسياسية والمذهبية ـ هو محض تحريف لذلك التاريخ وتلك الذاكرة.

 

حتى نهاية التسعينيات كانت الصحافة الحزبية لازالت ساعتها تستأثر باهتمام جزء من المجتمع المتابع لما تنشره من أخبار وأحداث وغيرها، وبالجانب منها بدأ بعض مما سمي وقتها بالصحافة “المستقلة” ينمو في سياق سياسي اتسم خاصة بتصويت أحزاب الكتلة الديمقراطية (الاتحاد الاشتراكي وحزب الاستقلال وحزب التقدم والاشتراكية) بنعم لفائدة دستور 1996، فيما رفضت منظمة العمل الديمقراطي الشعبي (أحد المكونات لما يعرف اليوم بالحزب الاشتراكي الموحد) الدستور إياه، وتعرضت جراء ذلك لعقاب مخزني تمت الإشارة إليه في أكثر من مناسبة وسياق.

في بنكرير التي تعنينا، كان أول ظهور منظم للصحافة الورقية ذات المنشأ المحلي والانتماء الجهوي والمقصد الوطني، هي جريدة “بوابة تانسيفت” التي أصدرها السيد أحمد وردي سنة 1998 تزامنا مع مرحلة أخرى من تاريخ المغرب والتي ارتبطت بقبول الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية المشاركة في الحكومة التي سميت بحكومة التناوب التوافقي برئاسة المناضل الفقيد عبد الرحمان اليوسفي.

في هذا السياق السياسي المستجد، كان لابد لأحمد وردي خريج المعهد العالي للصحافة بالدار البيضاء، والذي أمضى به سنتين من التكوين من 1994 إلى 1996، توجهما بحصوله على دبلوم الصحافة تخصص الصحافة المكتوبة بعد مناقشته بحث التخرج تحت إشراف الصحفي نور الدين مفتاح مدير النشر الحالي لجريدة “الأيام” الأسبوعية. بعدها أمضى وردي فترة تدريب ببعض المؤسسات الإعلامية كجريدة ” المستقل” و”رسالة الأمة” وجريدة “المنظمة” التي كانت لسان حال منظمة العمل الديمقراطي الشعبي بعد إعدام جريدتها الفقيدة الشامخة “أنوال” وبعد جريدة “الأنوار” التي وضعها الرفيق أحمد الخمسي رهن إشارة المنظمة خلال جريمة الإعدام. (كان لابد لأحمد وردي) أن يبحث له عن موطئ قدم ليترجم ما تعلمه في المعهد إلى فعل محسوس وكائن محسوس تمثل أولا في جريدة “بوابة تانسيفت” التي قد تكون أول جريدة جهوية ظهرت على صعيد جهة مراكش/ تانسيفت ساعتها، واستمر في إصدارها إلى غاية سنة 2003. بعدها أصدر جريدة سماها “المدينة الخضراء” سنة 2011. وابتداء من سنة 2013 تحول من الورقي إلى الرقمي حيث أنشأ الجريدة الإلكترونية المسماة ” بلاد بريس”. كما ساهم في جريدة “أنوال تانسيفت” التي أصدرها الفرع المحلي للحزب الاشتراكي الموحد شهر مايو من سنة 2007، وكان كاتب هذا المنشور عبد الكريم التابي مدير نشرها.

بلاشك سيكون لأحمد وردي بحساب التاريخ والذاكرة ، شرف زرع اللبنة الأولى لإصدار الصحافة الورقية بالرحامنة ومنها بنكرير على وجه التحديد، ومنها ستنطلق تجارب أخرى: “حقائق جهوية” لابريك عبودي الذي ارتقى معها وبها إلى رتبة “صحفي مهني”و”أم الربيع” لخالد سلامة و”أنوال تانسيفت” للحزب الاشتراكي الموحد و”عالم بريس” لمحمد دخاي و”شعلة” لمحمد حمدي.

أذكر جيدا أن “بوابة تانسيفت” نشرت لي في صفحتها الأخيرة سنة 2002 في سياق الانتخابات التشريعية، رسالة مفتوحة مطولة إلى السيد فؤاد عالي الهمة لما كان ساعتها كاتبا للدولة في الداخلية تحت عنوان: ” نهاية الوهم، بداية التيه السياسي”. وأذكر أيضا أن “البوابة” نشرت ندوة سياسية نظمت بدار الشباب حول “علاقة الشباب بالسياسة” كنت مشرفا على تسييرها، وساهم فيها مجموعة من الفاعلين الحزبيين أذكر منهم الفقيد عبيدة المستعين على وجه الخصوص.

كما أذكر جيدا أن وردي لما كان يخوض بعضا من فترة التدريب بجريدة “المنظمة” هاتفني أحد أعضاء هيئة التحرير وأظنه الزميل الرفيق الودود برحو البوزياني، وقال لي ” ها واحد ولد بلادك معانا هنا ف الجريدة كيتدرب”.

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.